من يسيطر على أسعار النفط في السوق العالمية؟
- OGT
- 27 أكتوبر 2019
- 3 دقائق قراءة

دائما ما كانت "أوبك" منظمة البلدان المصدرة للبترول محط انتقادات لاذعة، آخرها ما طرحه دونالد ترامب الرئيس الأميركي،إذ وجه اتهامه لها بـ"سرقة باقي العالم" والحفاظ على أسعار النفط "عالية بشكلٍ مصطنع".
وفي منتصف السبعينيات من القرن الفائت اُتهمت منظمة "أوبك" بأنها تقوم باحتجاز العالم كرهينةً لها، خاصة بعد تخفيضها للإمدادات النفطية وتضاعف سعره ثلاث مرات خلال مدة قصيرة تلك الفترة.
إلا أن هناك سؤالا طرح نفسه بالتزامن مع اجتماع لوزراء الطاقة لدى بلدان "أوبك" في العاصمة فيينا منذ مدة ألا وهو: هل ما زالت المنظمة تستحوذ بحق بكل هذا النفوذ؟
التحكم بالإنتاج
من الجدير بالذكر بأن الأداة الأساسية التي تملكها منظمة أوبك هي التحكم بمستويات إنتاج النفط، إما عن طريق خفضها في حال أرادت زيادة الأسعار أو رفعها إن أرادت تخفيض الأسعار إلى مستوى لا يودي بانهيار الأسعار على الأقل .
ومما لا شك فيه أن أوبك تلعب دورا كبيرا في أسواق النفط، فهي تضخ أكثر من ٤٠ بالمئة من الخام إلى العالم، وقد كانت هذه النسبة تعد أعلى من النصف في أوائل عقد السبعينيات ومع ذلك ما زال المعدل الحالي يمثل حصة كبيرة.
لكن نسبة الـ ٦٠ بالمئة الباقية تلعب دوراً كبيراً أيضاً، حيث أن هناك بلدان منتجان للنفط لا ينتميان إلى أوبك ويحظيان بأهمية خاصة لأسباب عدة هما الولايات المتحدة وروسيا.
النفوذ الروسي
ساهمت روسيا ضمن الجهود الحالية لمنظمة أوبك لزيادة الأسعار، وقد بدأ ذلك عام ٢٠١٦ وقتما قررت أوبك "تعديل الإنتاج" من خلال تقليصه بنحو 1,2 مليون برميل يوميا.
وبالطبع انضمت بلدانا ليسوا أعضاء في المنظمة إلى روسيا ضمن جهودها تلك عن طريق تعهدهم بتخفيض إنتاجهم من النفط.
عقب ذلك، ازدادت الأسعار ووصل سعر خام برنت إلى ٨٦ دولارا للبرميل عند بداية أكتوبر تشرين الأول العام الماضي بعد أن كان أدنى من ٥٠ دولاراً للبرميل قبل صدور هذا القرار. لا يعني هذا بأن القرار الذي أصدرته أوبك وحلفاؤها كان العامل الوحيد.
التوترات السياسية في بعض بلدان "أوبك" مثل ليبيا وفنزويلا ونيجيريا جعل من الاستحالة عليها انتاج الكميات التي تستطيع إنتاجها نظريا.
العقوبات على إيران
واجهت دولة إيران ضربة بعد قرار الولايات المتحدة بإعادة فرض عقوبات عليها جزاء برنامجها النووي. ودعم ذلك احتمالية استبعاد أيران من سوق النفط العالمي جزئيا أو كليا في زيادة الأسعار.
إلا أن عدداً من أكثر زبائن إيران مثل الهند والصين واليابان، حصلوا على إعفاء مؤقت بحيث يستطيعون مواصلة شراء النفط من إيران دون أن تطالهم عقوبات أميركا، نتيجة لذلك، هبطت الأسعار بالفعل فقد كان هناك طلبا أدنى من المتوقع على نفط الدول الأخرى.
يشير ذلك إلى أن الزيادة في الأسعار منذ أواخر عام ٢٠١٦ نتج بشكلٍ جزئي عن اتفاق روسيا وأوبك وحلفائهم الآخرين بينما كان لأوبك والمملكة السعودية الدور الرئيسي في ذلك.
وحسب تقديرات وكالة الطاقة الدولية، فإن المملكة السعودية تسيطر على أكثر من ثلث القدرة الإنتاجية لمنظمة أوبك وأكثر من نصف الانتاج الاحتياطي. ويعتبر هذا ذو دلالة على القدرة التي تتمتع بها المملكة في التحكم بإنتاج النفط.
وعلى الرغم من دور المملكة (في المنظمة) لكنها كانت مترددة في السير منفردة للحد من تدهور الأسعار. لذا فإنها أرادت بأن يقدم أعضاء أوبك الأخرين بعض التنازلات ولكنها أيضا رغبت بمشاركة روسيا.
الولايات المتحدة المنتج الأكبر للنفط
يوجد أيضاً مؤثر ثالث كبير في السوق العالمية للنفط ألا وهو الولايات المتحدة الأمريكية والتي تعد حالياً المنتج الأكبر للنفط بلا منافس.
والولايات المتحدة وضعها مختلف تماماً عن الآخرين. حيث يتم انتاج النفط الخام (في الولايات المتحدة) عبر القطاع الخاص الذي يدير قراراته وفقا الى مبدأ الربح والخسارة.
إن شركات النفط الكبرى في روسيا مقربة من الحكومة كما أن شركة النفط "أرامكو" المهيمنة في المملكة السعودية مملوكة للدولة. ولا يساهم منتجو النفط في الولايات المتحدة مع منظمة أوبك في التحكم بالأسعار لأن ذلك يخالف قانون التنافس في أمريكا.
إلا أن هناك ما حدث في الولايات المتحدة في العقد الأخير أو نحو ذلك نتج عنه تغير في هذه الصناعة العالمية ألا وهو ارتفاع النفط الصخري، حيث هناك أمران مهمان.
تأثير النفط الصخري
إن استغلال هذا النوع الذي يعد جديداً نسبياً من الموارد أدى الى الحد من تراجع انتاج النفط في الولايات المتحدة على المدى البعيد.
بيد أنها ماتزال بحاجة لاستيراد النفط لكن بأقل من السابق حيث تستطيع أن تفي بثلثي حاجاتها منه بينما كانت قبل (أكثر قليلاً من عقد من الزمن) قادرة على تلبية ثلث حاجتها فقط.
يمكن للنفط الصخري أيضا التكيف بسرعة أكبر مع تقلب أسواق النفط، فهو ليس بحاجة إلى استثمار على نطاق واسع مثل النفط التقليدي. وبمقدور المستثمر أن يسترد ماله بسرعة أكبر لهذا يمكن زيادة إنتاج النفط الصخري بسرعة أكبر حينما يبدأ سعر النفط بالتحسن.
وقد كان النفط الصخري أحد أسباب تراجع أسعار النفط بشكل حاد بعد منتصف عام ٢٠١٤.
وإن أحد الأسباب بعدم استجابة منظمة أوبك بأسرع مما كانت عليه سابقا كان نية بعض أعضائها والسعودية بشكل رئيسي الضغط على المنتجين الأمريكيين للنفط الصخري من خلال انخفاض الأسعار .
لا تزال منظمة أوبك تتمتع بنفوذ لا بأس به إلا أنها بعيدة جداً عن قدرتها على التحكم الكامل بأسواق النفط العالمية.
وعلى المدى الطويل، إذا ما كانت الجهود العالمية لمواجهة التغير المناخي تتطلب التخفيف من اعتمادنا على النفط فإن دور منظمة أوبك سيغدو أقل أهمية.
Komentar