لماذا أوقفت بريطانيا أعمال التنقيب عن النفط الصخري؟
- OGT
- 18 نوفمبر 2019
- 3 دقائق قراءة

عُلقت في النهاية أعمال شركة "كوادريللا" في بريطانيا والتي كانت تتولى مهمة التنقيب عن النفط الصخري فيها. وفي العام السابق، تبين أن الحكومة راهنت على حصان خاسر فيما يخص استخراج النفط الصخري داخل المملكة المتحدة.
وقد عمل مناهضون لتقنية "التصديع" ("فراكينغ" Fracking) المعتمدة لانتاجه حاضراً، بمحاولة لوقف تلك العملية المثيرة للجدل على مدى سنوات، مع العلم أنها لم تنل تأييد إلا 18 بالمئة من الرأي العام البريطاني.
ويرجع قلق المعارضين لتقنية "التصديع الهيدروليكي" للحصول على النفط الصخري، إلى تبعات جمّة من الممكن أن تنتج عنها كحدوث الزلازل (السبب الأساسي الذي حدا بالسلطات إلى عكس مسارها)، وإلحاق الأذى في البيئة الريفية، إلى جانب استمرار بريطانيا في الاعتماد على الوقود الأحفوري (والذي يعتبر النفط الصخري من أحد أشكاله)، وهذا الأمر لا يتماشى مع الأهداف المناخية المنشودة.
جراء ذلك اندلعت سلسلة من الاحتجاجات الواسعة على مدى سنوات في مختلف أنحاء المملكة، وتسببت بأعباء جمة على الهيئات الحكومية بلغت كلفتها على الأقل مقدار 32.7 مليون جنيه إسترليني (ما يعادل 42.8 مليون دولار أميركي) منذ 2011.
وتقوم تقنية "التصديع" بالاعتماد على استخدام الضغط الهيدروليكي لتفتيت الصخور في باطن الأرض، الأمر الذي يتيح تدفق الغاز المحصور تحتها. وأصبحت عملية "التصديع" منتشرة بشكل واسع في عدة دول مثل كندا والمملكة المتحدة والأرجنتين التي تحوي مساحات كبيرة وتسودها قوانين أقل صرامة بهذا الخصوص. ولم يكن بمقدور تلك التقنية ترسيخ نفسها في بريطانيا التي تمتلك قوانين متشددة حول العمليات الزلزالية، بل توجب وقف أعمال التنقيب بعد 18 ساعة من حصول أية هزّة أرضية بقوة تزيد عن 0.5 درجة.
وتكفي الإشارة إلى أنه في إحدى الفترات، تم إحصاء ما يقارب 57 هزّة أرضية ضمن 60 يوم من عمليات التنقيب عن النفط الصخري. وفي هذا السياق، حدثت الكارثة الأكبر بتاريخ 26 أغسطس/ آب عام 2019، عندما حدث في موقع الحفر الوحيد العامل في بريطانيا والتابع لشركة "كوادريللا"، في المنطقة القريبة من بلاكبول، أحد أكبر الهزات الأرضية في المملكة المتحدة بسبب تقنية "التصديع الهيدروليكي"
حينها، أحس سكان بعض المناطق مثل "بلاكبول" و"غريت بلامبتون" و"ليثام سانت آن"، بالزلزال الذي قدرت قوته 2.9 درجة على مقياس ريختر، وأدى إلى صدوع بعمق 2 كيلو متر. وفي تلك الفترة، اشتكى العديد من الناس من قوته لدرجة أنه تسبب بإيقاظهم من النوم ليشعروا به لمدة 15 ثانية.
شكّل ذلك "الحدث الزلزالي الصغير" الزلزال الرابع خلال إحدى عشر يوماً. وقد تلا هزّة أرضية بلغت قوتها 2.1 درجة قبل بضعة أيام منه. وحدث تحوّل ملحوظ مع وقوع زلزال كبير بقوة 2.9 درجة، بعدها تم إصدار قرار رسمي بوقف كل أعمال الحفر والتنقيب عن النفط الصخري في المملكة المتحدة.

وفي هذا السياق، نلفت الانتباه إلى إلى أنه من أجل جعل عملية استخراج النفط الصخري استثماراً ناجحاً ومهما في بريطانيا، يتوجِب بناء أكثر من ستة آلاف بئر. وفي ظل حجم المصاعب التي واجهت شركة "كوادريللا" في حفر وبناء بئر واحد خلال العقد الفائت، أصبح تحقيق الأرباح المنشودة هدفاً بعيداً، خاصة أن ساعة انتهاء عصر الوقود الأحفوري بدأت تدق بقوة.
لم تقف الانتكاسة عند هذا الحد. بل تلت سلسلةَ الزلازل هذه، ضربةٌ قاضية أخرى في شهر أغسطس/ آب أيضاً، حينما كشفت دراسة أن كمية النفط الصخري في بريطانيا أدنى بكثير مما كان يظن في السابق، وأن تقنية "التصديع الهيدروليكي" من الممكن أن تنتج كمية من الغاز تكفي مدة 10 سنوات. وذلك يساوي أقل من تقديرات العام 2013 بـ 5 مرات التي أشارت وقتها إلى إتاحة تلك التقنية تأمين كمية كافية منه تكفي 50 عام، وفق تحليل أجراه مركز أبحاث "بولاند شيل فومنشن" شمال بريطانيا. واعتمدت تلك التقديرات على تحليل مختبري صادر عن جامعة نوتنغهام و"الجمعية الجيولوجية البريطانية."
وبرأي كثيرين اليوم أن تقنية "التصديع" أصبحت تشكل رمزاً للحكومة التي أعلنت عن نيتها في معالجة موضوع التغيّر المناخي من جهة، إلا أنها تفعل شيئاً مغايرا تماماً من جهة أخرى. وفي هذا الصدد، كانت القشة التي قسمت ظهر البعير في النتائج التي أخبر بها التقرير الصادر عن "هيئة النفط والغاز" الذي لاحظ أنه من غير المستطاع الوصول إلى توقع دقيق بخصوص إمكانية وقوع زلازل متعلقة بالتصديع أو مدى شدته.
وأشادت التظاهرات المناصرة للبيئة بالخطوة التي اتخذتها الحكومة في وقف عمليات الحفر والتنقيب، ووصفتها بأنها بمثابة انتصار للمجتمعات المحلية والواقفين مع البيئة.
Comments