تخزين ثاني أوكسيد الكربون داخل الطبقات الأرضية
- OGT
- 29 أكتوبر 2019
- 7 دقائق قراءة

إن تخزين و حفظ ثاني أكسيد الكربون له القدرة الكبيرة على تقليل كمية CO2 الذي ينطلق إلى الغلاف الجوي، كما أن التكنولوجيا اللازمة لفصل CO2 عن الغازات الأخرى معروفة، و لكن هناك حاجة للتطور من أجل تنفيذ عمليات التخزين و حفظ CO2 بشكل كبير.
من خلال حرق الوقود الأحفوري-الفحم، النفط ، و الغاز الطبيعي- نقوم بزيادة تركيز CO 2 في الغلاف الجوي. إن تركيز CO 2 الآن هو 379 جزء بالمليون. و هذه الكمية أكبر بكثير مما كان في الماضي الممتد منذ 600,000 سنة. و قد أجمع علماء المناخ أن تركيز CO2 المرتفع هو المسبب الرئيسي للزيادة في درجة الحرارة العالمية.
و إحدى الطرق لتقليل كمية CO2 الذي ينطلق إلى الغلاف الجوي هي بالاعتماد على مصادر الطاقة البديلة التي لا تنتج CO2. و يشمل ذلك الطاقة الكهربائية المائية و طاقة الرياح و الطاقة الشمسية و النووية و الحرارة الأرضية و طاقة الأمواج. لكل منها محددات, و سيكون من الصعب إحداث تحول سريع من الوقود الأحفوري إلى مصادر الطاقة الأخرى هذه. لكن ماذا إن لم يصل CO2 الناجم عن حرق الوقود الأحفوري إلى الغلاف الجوي؟ و هل يمكننا حفظ CO2 و وضعه في مكان ما بدلاً من جعله يتصاعد من المداخن إلى الهواء؟ هل هذا ممكن؟
نعم إنه ممكن، تدعى هذه العملية بالتقاط و تخزين CO2. يتم العمل بهذه الآلية لكن بشكل ضئيل. و يمكن لذلك أن يحدث فرقا واضحا في كمية CO2 التي نطلقها إلى الغلاف الجوي. و كما يوضح المصطلح، فهناك مرحلتين للعملية. التحدي الأول هو التقاط CO2 بدلا من جعله يتتطاير من المداخن. و من ثم يجب خزنه أو "عزله" بشكل آمن و لمدة طويلة. إن فكرة عزل CO2 لتقليل الكمية التي تنبعث إلى الغلاف الجوي تعد جديدة تماماً، إلا أن التكنولوجيا اللازمة للقيام بذلك قد تم استخدامها من أجل أمور أخرى.
التقاط CO2
إن أفضل مكان لالتقاط CO2 هو من المصدر الرئيسي للانبعاثات. إن محطات الطاقة التي تولد طاقة كهربائية تنتج حوال ثلث انبعاثات CO 2. بالإضافة إلى ذلك يعد CO2 منتجاً مصاحباً لعمليات إنتاج الحديد و الفولاذ، و صناعة الاسمنت. و يتم إزالة CO2 من الغاز الطبيعي قبل استخدامه كوقود. و تعتبر هذه العمليات الصناعية مرشحون جيدون لالتقاط و تخزين CO2 لأنها تعد مصدرا كبيرا له في مكان ثابت. و في المقابل، قد يكون من الصعب التقاط انبعاثات CO2 من السيارات. إن سيد الوقود الأحفوري لمحطات الطاقة هو الغاز الطبيعي و الفحم. حيث يحرق الوقود بوجود الهواء. و تستخدم الحرارة الناتجة لخلق بخار يحرك التوربينات، و التي تقوم بتشغيل المولدات الكهربائية. أو يمكن حرق الغاز لقيادة الطوربينات مباشرة. و في كلتا الحالتين يمتزج الأكسجين الموجود في الهواء مع الكربون في الوقود منتجاً CO2. و يطلق CO2 في الهواء. و عند حرق الغاز الطبيعي يمتزج الهيدروجين من الميثان CH4 أيضاً مع الأكسجين مكونا الماء.
إلا أن الهواء الذي كان يستخدم لحرق الوقود يحتوي في معظمه على النيتروجين. و لا يساهم هذا النيتروجين في عملية الاحتراق. حيث يمر و يتصاعد للمدخنة.
نبعاثات معامل الطاقة، و التي تسمى غازات المدخنة، تتكون من 10% إلى 15% من CO2 في معامل حرق الفحم و حوالي 5% عندما يكون الغاز الطبيعي وقوداً. و كمبدأ نحن يمكننا تخزين كل غازات المداخن، لكن هذا قد يؤدي إلى تعبئة سعة التخزين بالنيتروجين الذي لا يحتاج إلى عملية عزل. و لكي يتم حفظ CO2 بفعالية يجب أن يتم عزله عن غازات المدخنة الأخرى فكيف يتم هذا؟
هناك ثلاث استراتيجيات
عزل الـ CO2 بعد الاحتراق.
استخرج الكربون من الوقود قبل الاحتراق لكي نقوم بحرق الهيدرجين فقط و لننتج الماء فقط.
إن حرق الوقود الأحفوري بالأكسجين بدلا من الهواء يؤدي إلى إنتاج CO2 مركز.
يمكن استخدام المحاليل الكيماوية من أجل تفكيك CO2 أثناء مروره عبر الغازات الأخرى باتجاه الغلاف الجوي. إن التقنية الأوسع انتشارا و المستخدمة اليوم تستخدم مجموعة من المركبات تدعى الأمينات. و التي تقوم بامتصاص CO2 من خلال تشكيل روابط كيميائية، خاصة عند الضغط العالي و الحرارة المنخفضة. تدعى هذه العملية بالـ"التقشير". يتم فيما بعد تسخين المحلول الكيميائي الناتج و يخفض الضغط مطلقاً CO2 مركز.
هناك طرق أخرى لتفكيك CO2 غير الربط الكيماوي. في عملية الامتصاص الفيزيائية هذه يتم تفكيك CO2 من خلال الضغط و من ثم تتم إزالته من المذيب بتخفيف الضغط. و يمكن عندها إعادة استخدام المذيب. استراتيجية أخرى لالتقاط CO2 هي بتبريد غازات المدخنة لدرجة يتحول فيها CO2 إلى سائل. تتطلب هذه العملية طاقة كبيرة للتبريد. الميزة فيها أنه يمكن نقل ذلك السائل بسهولة باستخدام شاحنة أو سفينة. كما أنه يمكن فصل الغازات باستخدام طبقات رقيقة تسمى أغشية. سوف تعبر بعض الغازات هذه الأغشية أسرع من غازات أخرى، و هذا يسمح بفصل الغازات المختلفة عن بعضها البعض.
استخراج الكربون قبل الاحتراق
إن الوقود في الغاز الطبيعي هو الميثان CH4. و عندما يحترق ينتج عنه CO2 وماء H2O. و إذا تمكنا من أخذ الكربون قبل الاحتراق سيبقى الهيدروجين الذي ينتج ماء عند حرقه. يتضمن القيام بذلك مفاعلة الوقود مع الأكسجين و/أو البخار لإنتاج أول أكسيد الكربون و الهيدروجين. و من ثم تتم مفاعلة أول أكسيد الكربون مع البخار لإنتاج CO2 و مزيدا من الهيدروجين.... و أخيراً يعزل CO2 و يستخدم الهيدرجين كوقود في طوربين الغاز.
الاحتراق بالأكسجين بدلاً من الهواء
يشكل النيترجين نسبة 78% من الهواء. و يبقى في الغالب من دون أي تغيير في عملية احتراق الوقود. و هو الغاز الرئيسي الذي يخفف من تركيز CO2 في مزيج غاز المدخنة. إذا حدث حرق الوقود في أكسجين نقي بدلاً من الهواء فإن تركيز CO2 في غاز المدخنة قد يزداد لأكثر من 80%. هذه العملية تجعل من غير الضروري إجراء تركيز إضافي لغاز المدخنة قبل عزل CO2. التحدي هو كيف يمكن فصل الأكسجين من باقي الهواء الذي يحتوي بشكل أساسي على النيترجين. الاستراتيجيات لهذا شبيهة لتلك المستخدمة في فصل CO2. يمكن تبريد الهواء من أجل تمييع الأكسجين. و يمكن أن تتسبب الأغشية التي تمر بالأكسجين و النيترجين بمعدلات مختلفة عملية الفصل. كما ان هناك العديد من المواد التي تمتص النيترجين، و بالتالي فصله عن الأكسجين. و يمكن استعمالها بعد ذلك لإطلاق النيترجين و إعادة استخدامها.
تكنولوجيا عمليات الفصل
بمجرد التقاط CO2 المركز، تكون الخطوة التالية هي خزنه في مكان ما. إليك ببعض الاقتراحات:
التشكيلات الجيولوجية
إن الخزن في الأشكال الأرضية يعد حالياً من أكثر الحلول الواعدة لعملية الفصل واسع الانتشار و طويل الأمد من CO2. و بعض المشاريع قد أصبحت قيد التنفيذ. من أجل تخفيف غازات البيوت البلاستيكية و التسخين العالمي، يجب الاحتفاظ بـ CO2 بعيدا عن الغلاف الجوي لمئات أو آلاف السنين. لقد وجدت خزانات النفط و الغاز الطبيعي و المخزون الجوفي في أعماق الماء المالح و الفحم منذ ملايين السنين بتغييرات تدريجية. و هناك دليل قوي بأن إن تمت إدارة الأمر بشكل جيد، يمكن أن توفر هذه التشكيلات خزاناً طويل الأمد لثاني أكسيد الكربون.
خزانات النفط و الغاز الطبيعي المستنفذة
يعتقد العديد من الناس أنه تم إيجاد النفط و الغاز في كهوف كبيرة تحت الأرض. لكن ليست هذه هي القصة. على العكس, هذه الهيدروكربونات توجد في الصخور النافذة و المسامية منثل: الحجر الرملي. تحوي هذه الصخور فراغات مجهربة علة تسمى المسامات, و التي ستمتلئ بالسائل. و قد تكون هذه السوائل الماء أو النفط أو الغاز الطبيعي. يشبه خزان النفط أو الغاز في الشكل الإسفنج أكثر من القنينة. و بمجرد أن أصبح خزان النفط أو الغاز الطبيعي منتجا لفترة من الزمن, تتم إزالة كمية جيدة من الهيدروكربونات. Tو تتوفر مساحة لحفظ CO2. طبقة الصخور المسامية أو النافدة التي تتكون من هذه السوائل مغطاة بطبفة غير نافذة-عادة ملح أو طين صفحي- و لا يسمح بنفاذها للخارج. يميل النفط و الغاز الطبيعي في العادة إلى الانتقال للأعلى من خلال الصخر المنفد لأنها أخف من الماء الذي يوجد أيضا في مثل هذه التشكيلات الصخرية. إلا أن غطاء الصخرة يحجزها. و بما أن النفط و الغاز الطبيعي منفصلان في هذه التشكيلات منذ ملايين السنين, فهناك سبب قوي للاعتقاد بأن CO2 سيبقى فيه أيضا.
الاستخلاص المعزز للنفط
العديد من التكنولوجيا اللازمة لخزن CO2 في حقول النفط تستخدم مسبقاً لعملية تعرف بالاستخلاص المعزز للنفط. عند تزويد خزان ما بالصنابير, يكون النفط تحت الضغط و يتدفق بحرية إلى السطح. عند إزالة النفط, يقل الضغط و تظهر الحاجة للضخ من أجل استخراج المزيد. و في مرحلة ما يصبح الاستخلاص غير اقتصادي و يتوقف, أو يتم استخدام تقنيات إضافية لاستخلاص مزيد من النفط. إحدى الطرق يكون بضخ CO2 إلى الخزان. و يؤدي ذلك إلى زيادة الضغط و يتدفق النفط بسهولة أكبر. كما أن CO2 يتفكك في النفط فيجعله أقل لزوجة و يتدفق بسهولة أكبر. كما أنه يمتد بالحجم أيضا, عند زيادة الضغط. يتم ضخ CO2 في الخزان فيما يسمى بعملية "حقن البئر". و هذا يجبر النفط على التوجه إلى "بئر الانتاج", حيث يرتفع إلى السطح.
في الاستخراج المتقدم للنفط, يتم ضخ CO2 في الخزان عبرحقن البئر. ثم يختلط بالنفط المتبقي, مكونا "المنطقة الممتزجة". الضغط من CO2 و النفط الممتد يدفع ضفة النفط إلى بئر الانتاج, حيث يرتفع إلى السطح. و من ثم يفصل CO2 عن النفط و يمكن إضافته إلى بخار CO2المتجه إلى بئر الحقن. من الآثار الجانبية لاستخلاص النفط هو أن CO2 الذي كان يستخدم لرفع النفط من التشكيل الصخري يعتبر الآن منفصلا.
هناك العديد من مشاريع زيادة الاستخلاص التي تستخدم تقنية حقن CO2 حول العالم. مثال جيد على ذلك هو حقل ويبيرن في كندا.
من الآثار السلبية الأخرى لاستخلاص النفط المتقدم هو أنCO2 يصبح معزولا داخل التشكيل الصخري. إذا ما كان الهدف هو تخزين CO2 بدلا من استخلاص النفط, فإن حقول النفط المستنفذة أو شبه المستنفذة قد تستخدم للعزل حتى لو لم تكن مرشحا جيدا لاستخلاص النفط المتقدم.
ما هي المشكلات المحتملة لفصل CO2؟ السؤال المهم هو إذا ما كان CO2 سوف يتسرب خارج الخزان أم لا. قد يكون التسرب مشكلة لأنه سيعود CO2 منفصل إلى الغلاف الجوي. و سيخرب هذا الهدف من المشروع.
تغليف البئر
عندما يتم حفر بئر النفط, تكون الخطوة الأخيرة في العملية هي إدخال أنبوب فولاذي في بئر الحفر و لكي يمتلئ الفراغ بين الجزء الخارجي للأنبوب و بئر الحفر بالاسمنت. يثقب الأنبوب, و يدعى المغلِف, من أجل السماح للنفط بالتدفق إلى الأنبوب و ليصل إلى السطح. و عندما لا يعود البئر منتجا, يمكن وضع ختم على سطحه.
إذا ما كان التسرب مفاجئا, قد يتسبب بقتل الأشخاص. إن CO2.ليس سميا, لكن إذا كان يحل محل أكسجين متوفر, فيمكن أن يختنق الناس. و لأن CO2.أثقل من الهواء, فيمكنه أن يتراكم في أماكن منخفضة مثل الأقبية و الوديان. و توجد هناك إطلاقات طبيعية CO2 قد سببت الوفاة. مثل الكارثة التي حدثت في بحيرة نياس في الكاميرون. فالبحيرة تقع في منطقة نشطة بركانيا مع تسرب لثاني أكسيد الكربون في مياه البحيرة من الأسفل. في 21 أغسطس 1986, حصل إطلاق مفاجئ للـCO2, حيث تدفق إلى الوديان المحيطة بالبحيرة و قتل 1,800 شخص في القرى المجاورة. ليس هناك سبب لتوقع أن يخرج CO2 معزول في حقل نفط قديم بشكل فجائي, لكن هناك احتماليات لحدوث تسرب أبطأ. و ما يثير السخرية, أن الآبار نفسها تعد مشكلة محتملة.
قد يكون هناك مئات من مثل تلك الآبار في حقل للنفط. إذا ما كان الحقل قديما, فقد يدمر الاسمنت الموجود حول مغلفات البئر. قد يؤدي ذلك إلى إيجاد ممر للـCO2 كي يخرج. هناك عدة طرق لإعادة زفلتة الآبار بحيث تزود إغلاق محكم للـCO2 المنفصل.
هناك ممر آخر للـCO2 وهو التسرب عبر الشقوق في القشور الصخرية. يتم فصل CO2 في المناطق المستقرة من الناحية الجيولوجية, حيث يستبعد حدوث الزلازل. على أية حال فإن فصل CO2 بحد ذاته قد يؤدي إلى ضغط متزايد تحت القشرة الصخرية و بالتالي يسبب التصدعات. و الحل لذلك هو مراقبة الضغط و الانتباه لعدم تجاوز حدود التشكيلات.
الحوض الجوفي
هناك عدة "أشراك" جيولوجية مغلقة تحت الماء لم تحتو أبدا على نفط و لا على غاز طبيعي. و يملأ الماء مساماتها. تسمى هذه الأحواض الجوفية. تقع التكوينات المائية الصخرية الأنسب لخزن CO2 عميقا تحت الأرض. و هي مليئة بالماء المالح, لذا فهي غير مناسبة للتزويد أو تخزين الماء العذب للاستخدام البشري. و قد يتفكك CO2 جزئيا في ماء الحوض الجوفي. في بعض أنواع الصخور, يمكن أن يتفاعل مع المعادن ليشكل خزانات كربونات مستقرة. و هذا سوف يثبت CO2 للأبد. و قد تظهر الحاجة إلى دراسات جيولوجية, كما يحصل الأمر بشكل منتظم لخزانات النفط و الغاز الطبيعي, من اجل التأكيد أن الحوض الجوفي لا يسرب CO2.
وقد تم أول برنامج حقن CO2 لاعتبارات التغير المناخي في سواحل النرويج في حوض جوفي ملحي عميق في بحر الشمال يسمى Sleipner field.
قيعان الفحم
الوسط التخزيني المحتمل هو خزانات الفحم التي تكون في أعماق كبيرة يصعب تعدينها. يتكون معظم الفحم من الكربون. و سوف يمتص CO2 و يثبته للأبد. و عادة ما تحتوي خزانات الفحم على الميثان. عندما يضخ CO2 إلى الفحم, يمتصه و يصبح ميثان, و ثم يطلق. في حين أنه عند استخلاص النفط, فإن الوقود المفيد ينتج أثناء فصل الـCO2.
المشكلة في هذه الطريقة هو أن الفحم ينتفخ حين يمتص CO2. و قد يؤدي ذلك إلى تقليل ممرات التي يتدفق من خلالها الغاز. و النتيجة قي سعة تخزين محدودة أكثر.
Comments