top of page

الثروات الباطنية التي جعلت من ليبيا محط أنظار ومطمع الدول حول العالم

تاريخ التحديث: ١٣ يوليو ٢٠٢٠

ليبيا ليست مجرد صحراء شاسعة جنوب البحر المتوسط لا تنتج سوى النفط وقليل من الغاز كما يعتقد البعض، بل تملك ثروات معدنية هامة لكنها في أغلبها غير مستغلة، على غرار الذهب واليورانيوم والحديد الخام وغيرها من المعادن، لذلك كانت منذ القدم محل أطماع دولية.

فليبيا رابع أكبر بلد إفريقي من حيث المساحة بعد الجزائر والكونغو الديمقراطية والسودان، حيث تتربع على مساحة تقارب 1.760 مليون كلم مربع، شمالي القارة السمراء، ويقطنها أكثر من 6.5 مليون نسمة.

وتمتلك ساحلاً طويلاً مطلاً على البحر الأبيض المتوسط يبلغ 1770 كلم، ويوفر لها ثروة سمكية هامة لم تستغل بالشكل المطلوب، خاصة على مستوى خليج سرت ذي المساحة الواسعة والذي تحتكر ليبيا السيادة عليه، وإن اعترضت الولايات المتحدة على ذلك في عهد النظام السابق لأسباب سياسية على الأغلب.

والبحر بالنسبة لليبيين ليس فقط للاصطياف وصيد السمك، بل هو مصدر للثروة النفطية والغازية، حيث كان الليبيون من أوائل الشعوب المتوسطية التي اكتشفت النفط والغاز بكميات كبيرة قبالة سواحلها على غرار حقل البوري النفطي الذي اكتشف في 1976، ويعد الأكبر من نوعه في البحر المتوسط.

كما أن البلاد تحتوي على احتياطات منجمية هامة، خاصة من الجبس والحديد، اللذين يدخلان في تصنيع عدة مواد متعلقة بالبناء، على غرار الحديد الصُلب (الفولاذ)، والإسمنت والزجاج، والسيراميك.


وتحتاج ليبيا، التي عاشت عدة حروب منذ 2011، وقبلها حصاراً دولياً طويلاَ في الثمانينيات والتسعينيات من القرن الماضي، إلى إعادة إعمار واسعة.

ورغم أنها لا تمتلك ما يكفي من الأيدي العاملة المؤهلة اللازمة لعملية إعادة العمران، إلا أن هذه متوافرة بكثافة سواءً من مصر شرقاً، أو تونس غرباً، أو من بعض الدول الإفريقية.

ويمكن لليبيا استقطاب شركات المقاولات الدولية سواء من أوروبا أو آسيا ومن الدول العربية أيضا، شريطة توفر حد أدنى من الأمن.

ويرى الخبراء أن عملية إعادة العمران يجب أن تبدأ بالبُنية التحتية التي يقوم عليها اقتصاد الدولة. ويرون أيضاً أن تطوير قطاع المناجم يحتاج إلى خبرات أجنبية ورأس مال، وذلك لتوفير المواد الأولية للصناعات التحويلية، وكذلك لاستغلال كميات كبيرة من الاحتياطيات النفطية غير المُطَوَّرة.

فحسب «وكالة الطاقة الأمريكية»، فإن احتياطيات النفط الصخري الليبية تبلغ 34 مليار برميل، مما يجعلها الأولى عربياً من حيث احتياطات النفط الصخري والخامسة عالمياً، بعد روسيا والولايات المتحدة والصين والأرجنتين. والملفت أن النفط الصخري يوجد شمال غربي ليبيا وفي جنوبها الغربي، مما يعني أن مستقبل النفط الليبي سينتقل من إقليم برقة (شمال) إلى إقليمي طرابلس (غرب) وفزان (جنوب غرب).

أما الغاز الصخري، فقد ارتفعت احتياطياته إلى ثلاثة أضعاف، من 55 تريليون قدم مكعب إلى 177 تريليون قدم مكعب، وذلك بإضافة 122 تريليون قدم مكعب من الاحتياطي القابل للاستخراج من الصخور.


وبذلك تحتل ليبيا المرتبة الثانية إفريقيا (8 تريليون متر مكعب) بعد جنوب إفريقيا (13 تريليون متر مكعب) وقبل الجزائر (6.5 تريليون متر مكعب).

لكن استغلال النفط والغاز الصخري في ليبيا يحتاج إلى تقنيات متطورة، ناهيك عن خطورته على البيئة، وإمكانية تدمير الأحواض المائية الجوفية الضخمة في الصحراء والتي تغذي مدن الشمال الأكثر كثافة عبر النهر الصناعي العظيم.

كما تمتلك ليبيا احتياطيات ضخمة من خام الحديد تفوق حتى احتياطات موريتانيا، إذ تصل إلى 3.5 مليار طن مع نسبة الحديد بين مكونات الصخور تصل إلى 35-55 في المئة، حسب المجلس الليبي للنفط والغاز. وتم اكتشاف مناجم الحديد بالجنوب الغربي لليبيا، خاصة في منطقة تاروت ببراك الشاطئ شمال مدينة سبها (750 كلم جنوب طرابلس).

وتنتج الشركة الليبية للحديد والصُلب مليون و750 طن سنوياً من الحديد والصُلب، حسب موقعها الإلكتروني، وتمكن مصنع الشركة في مصراتة من تصدير كميات منه إلى الخارج.

وتتحدث عدة تقارير عن تواجد مناجم اليورانيوم في الجنوب الغربي لليبيا في منطقة العوينات الغربية بالقرب من مدينة غات، الحدودية مع الجزائر، حسب المجلس الليبي للنفط والغاز.

وهذا المثلث الحدودي بين ليبيا والجزائر والنيجر، معروف بتواجد كميات من اليورانيوم فيه، لكنه غير مستغل إلا في النيجر، نظرا لأن الشركة النووية الفرنسية «أريفا» تحتكر استغلال هذا المنجم، وعبر خام اليورانيوم يتم استخراج الطاقة الكهربائية في فرنسا بعد تخصيبه في مفاعلات نووية.


وهذا أحد الأسباب التي تجعل فرنسا تهتم بإقليم فزان، الذي يوجد فيه اليورانيوم، ناهيك عن النفط والغاز. وتوجد شواهد على تواجده في منطقة العوينات الشرقية، قرب مثلث الحدود الليبية مع مصر والسودان.

كما تتواجد في جبال تيبستي من الجانب الليبي على الحدود مع تشاد شواهد على وجود الذهب والمنغنيز. لكن ذهب ليبيا في تيبستي عرضة للنهب من الباحثين الأفارقة عن المعدن الأصفر والذين يجوبون الصحراء الكبرى من السودان شرقا إلى موريتانيا غربا مرورا بتشاد وليبيا والنيجر والجزائر للتنقيب عن الذهب بوسائل بسيطة.

وفي المنطقة نفسها، توجد رواسب بكميات تجارية من الأتربة النادرة أو «العناصر الارضية النادرة»، والتي تدخل في صناعة التقنية النووية والإلكترونية المتطورة مثل الهواتف الذكية ومكبرات الصوت الخلايا الضوئية المستخدم في صناعة الألواح الشمسية.

وتحتكر الصين إنتاج 90 في المئة من هذه العناصر النادرة المشكلة من 17 عنصرا كيميائيا، وتعاني الولايات المتحدة من تبعية قاتلة لبكين في هذا المجال، حيث تستورد منها 80 في المئة من حاجاتها، لذلك تبحث واشنطن عن بدائل، وقد تكون ليبيا مستقبلا إحدى هذه البدائل.

وعلى غرار الأحجار الجيرية التي تستخدم في صناعة الإسمنت والجير والحديد والصُلب والطلاء والبلاستيك، وتوجد في منطقة سوق الخميس امسيحل (غرب)، والعزيزية (غرب) ودرنة (شرق)، أيضا الأحجار الدولوميتية، التي تستخدم في صناعة الطوب الحراري والزجاج، وتقع في بني وليد (غرب).

كما توجد عدة خامات أخرى في ليبيا مثل الطينات ورمال السيليكا والكالكارنيت التي تستخدم في صناعات الإسمنت والزجاج والقوالب الحجرية والخزف.

وبفضل هذه الثروات المعدنية غير المستغلة، ناهيك عن موارد مائية جوفية هائلة، وساعات مشمسة طويلة لإنتاج الطاقة الشمسية، أصبحت ليبيا محل أطماع دولية، خاصة في ظل قلة عدد سكانها وتنازعهم فيما بينهم.


المصدر : وكالة الأناضول، مواقع إلكترونية



 
٠ تعليق
bottom of page