top of page

"إنرون" عملاق الطاقة الأمريكي التي انهارت عام 2001 .. القصة كاملة

تاريخ التحديث: ٢٥ يناير ٢٠٢٠


شركة الطاقة إنرون

"إنرون كورب".. شركة أمريكية حققت في حقبة من الزمن نجاحات مذهلة بلغت بها ارتفاعات دراماتيكية قبل أن تسقط وتخسر كل ذلك، ليصيبها الانهيار وتختفي للأبد في أقل من سنة.

كان لانهيار شركة الطاقة الأمريكية تأثير ا على عمل 401 ألف موظف وهز سقوطها أركان "وول ستريت"، خاصة بعد هبوط سعر السهم من ذروته البالغة 90.75 دولار لتصبح 67 سنتاً في يناير/كانون الثاني من عام 2002،  أي بعد مضي شهر عن إعلان الشركة إفلاسها في 2 ديسمبر/كانون الأول عام 2001.

وبالرغم من أن انهيار "إنرون" قد يكون مألوفاً كحدث بالنسبة للكثيرين، لكن قد يكون من الجيد إلقاء الضوء على ما حصل بالضبط، وتبيان كيف سقطت الشركة التي كانت في زمن ما واحدة من أكبر 10 شركات للطاقة في الولايات المتحدة، وكيف استطاغت خداع الجهات التنظيمية عبر بيانات مالية تم التلاعب بها لمدة ليست بالقصيرة.

الشركة الأكثر ابتكاراً في أمريكا

تأسست "إنرون" عام 1985 بعد اندماج كل من شركتي :هيوستن" للغاز الطبيعي و"إنترنورث" التي تتخذ من أوماها مقراً لها. وعين الرئيس التنفيذي لـ"هيوستن" "كينيث لاي" ليكون الرئيس التنفيذي للشركة المندمجة المسماة "إنرون".

ساهمت البيئة التنظيمية في ذلك الوقت "إنرون" على ازدهارها. ففي نهاية حقبة التسعينيات كانت فقاعة "دوت كوم" في ذروتها، وتجاوز مؤشر "نازداك" حاجز 5 آلاف نقطة. وكان يجري تقييم أسهم شركات الإنترنت بأرقام مبالغ فيها.

 حيث أن المحللين والمستثمرين على حد سواء كانوا على استعداد لقبول زيادة أسعار تلك الأسهم على اعتبار أن هذا يجسد ما يدعى بـ"الطبيعي الجديد".

دخلت "إنرون" إلى الساحة من خلال تأسيس موقع "إنرون أونلاين" في أكتوبر/تشرين الأول للعام 1999 والذي كان عبارة عن منصة إلكترونية للتداول الإلكتروني ركزت بشكل أساسي على عقود السلع.

كانت "إنرون" هي الطرف المقابل في كل معاملة تجرى عن طريق المنصة، فكانت إما المشتري أو البائع. ومن أجل حث كبار المتعاملين في الأسواق على التداول عن طريق منصتها، ركزت "إنرون" في تسويقها للمنصة على خبرتها وسمعتها في قطاع الطاقة، حيث كانت تتصدر قائمة "فورتشن" للشركات الأكثر ابتكاراً في الولايات المتحدة لـ 6 أعوام متتالية من عام 1996 حتى 2001.

ومع حلول منتصف عام 2000، كان يتم تنفيذ عقود بقيمة 350 مليار دولار عبر منصة "إنرون أون لاين" وفي بداية انفجار فقاعة "دوت كوم" قررت شركة "إنرون" بناء شبكة اتصالات عريضة النطاق ذات سرعة عالية، وأنفقت ملايين الدولارات على تنفيذ هذا المشروع، إلا أنها في نهاية المطاف لم تستطع تحقيق أي عوائد.

أساليب محاسبية مريبة

مع حلول خريف عام 2000 بدأت الأرض بالتحرك تحت أقدام "إنرون"، وبات حجمها الكبير الذي ساهم في الاحتفاظ بمكانتها السوقية بين الكبار لفترة طويلة هو نفسه سبب انهيارها.

كان لـ "جيفري سكيلينج" الرئيس التنفيذي للشركة وسائله الخاصة في إخفاء خسائر الشركة المالية. إذ كان يعمل ضمن إطار أسلوب محاسبي يدعى " mark-to-market accounting" بقياس قيمة الأوراق المالية وفقا لقيمتها السوقية عوضا عن قيمتها الدفترية، وهذا ربما يكون أمراً جيداً بالنسبة للورقة المالية نفسها ولكنه قد يؤدي إلى أضرار كارثية للشركات.

ما كانت تقوم به الشركة كان كالتالي: إنرون مثلاً تعتزم بناء محطة لتوليد الكهرباء، مباشرة وقبل أن يولد ذلك الأصل أي الأرباح كانت الشركة تقوم بتقدير جزافي للأرباح المتوقعة ثم إضافتها إلى قوائمها المالية. بعد ذلك وفي حال حقق المشروع إيرادات أدنى من المتوقع، فعوضا عن إدراج الفارق كخسائر تعمل "إنرون" على نقل الأصل إلى شركة أخرى (شركة ذات أهداف خاصة) لها دفاتر مالية مستقلة، وهذه هي الطريقة التي مكنت الشركة من شطب الخسائر دون تأثر صافي الدخل لها.

ساعدت هذه الطريقة "إنرون" على إخفاء الخسائر، وجعلها تبدو أكثر ربحية مما هي عليه حقيقة. ومع سعي إدارة الشركة لمواجهة خسائرها المتفاقمة جاء "أندرو فاستو" الذي تمت ترقيته إلى منصب المدير المالي للشركة عام 1998، والذي عمل على تنفيذ خطة ملتوية ليجعل إنرون تبدو وكأنها تتمتع بمستوى مالي قوي، رغم أن العديد من الشركات التابعة لها كانت تتتابع في خسارة الأموال.

بعد أن تمت الموافقة من لجنة الأوراق المالية والبورصة على الشكل المحاسبي الجديد، أخذت إدارة الشركة وبغض النظر عن إيراداتها الفعلية بتسجيل الإيرادات المتوقعة وكأنها إيرادات مكتسبة، وأخذ المديرون التنفيذيون للشركة بمنح أنفسهم علاوات كبيرة وفقا للإيرادات التي لم تتحقق بعد، واستمر سعر السهم بالارتفاع فيما كانت الشركة في الحقيقة تتكبد الخسائر.

كان هذا الأمر بمثابة بداية النهاية لـ"إنرون"، حيث ظل مديرو الشركة لأعوام بعدها قلقين حول كيفية ملء الفراغ المالي الذي بنته هذه الممارسة المحاسبية، ما أدى في النهاية إلى زوال الشركة للأبد.

كان محللو أسواق الأسهم يستعملون الوثائق المعتمدة من شركة المحاسبة الخاصة بـ"إنرون" من أجل التوصية بشراء أو بيع السهم. إلا ان المشكلة الوحيدة كانت أن توصية معظم المحللين تأتي دائماً بالشراء، وهو ما سبب ارتفاع سعر السهم.

كان الشخص الأول الذي لاحظ وجود خلل في الكيفية التي تعالج بها شركة "إنرون" قوائمها المالية هو المحلل "جون أولسن" من "ميريل لينش". وعندما صار "أولسن" يثير الأسئلة عن "إنرون" تم فصله من العمل، وفي المقابل تم منح " ميريل لينش" من جانب "إنرون" عقدين يبلغ قيمة الواحد منهما 50 مليون دولار . مئة مليون دولار بغية كتم أي صوت يثير الشكوك حولهم.

كيف ظهرت الحقائق

كان لشركة "آرثر أندرسن" للخدمات المحاسبية دورا رئيسياً في فضيحة "إنرون". باعتبار أنها كانت في تلك الفترة واحدة من أكبر 5 شركات محاسبية في الولايات المتحدة، كما كانت آنذاك تتمتع بسمعة عالمية مرموقة مرتبطة في أذهان الجميع بمعاييرها الصارمة وجودة إدارة المخاطر.

وبالرغم من فجاجة ممارسات شركة "إنرون"، كانت موافقة "آرثر أندرسن" على القوائم المالية للشركة تعد أمرا كافياً لعدم تشكك الجهات التنظيمية أو المستثمرين في أي شيء لمدة من الوقت. لكن هذه اللعبة لم تدم إلى الأبد، فمع حلول شهر أبريل/نيسان عام 2001 أخذ العديد من المحللين بالتشكيك حول أرباح "إنرون" ليتم مطاردتها هي و"آرثر أندرسن".

قامت "آرثر أندرسن" بالعمل كمدقق حسابي لـ"إنرون" مدة 16 عاماً، وحسب الوثائق القضائية تعاون الجانبان في تصنيف مئات ملايين الدولارات على شكل غير صحيح كزيادات في حقوق المساهمين، ما نتج عنه تقديرا مزيفا للقيمة الحقيقية للشركة.

قامت المحكمة باتهام "آرثر أندرسن" بعدم اتباع المبادئ المحاسبية (GAAP) خلال تدقيقها في معاملات "إنرون" مع "الشركات ذات الأهداف الخاصة"، والتي ساعدت إنرون في إخفاء خسائرها.

أيضا تم اتهام "آرثر أندرسن" بتدمير آلاف الوثائق الخاصة بـ"إنرون" والتي شملت وثائق مادية، وملفات يُحتفظ بها على الحاسب ورسائل البريد الإلكتروني. وبعد محاكمة دامت 6 أسابيع تم إدناة " آرثر أندرسن" في 16 يونيو/حزيران عام 2002 بالاحتيال وعرقلة العدالة.

٠ تعليق
bottom of page